|


كالزادا.. كتالوني بارع في جلب المال

الرياض ـ إبراهيم الأنصاري 2024.12.14 | 03:29 pm

«إن الرياضة لعبة لا يمكن أن تكون تجارة، وهي تجارة لا يمكن أن تكون لعبة»، بهذه العبارة يفتتح الإسباني ستيف كالزادا، الرئيس التنفيذي لنادي الهلال، كتابه الشهير الذي يحمل عنوان «أرني المال»، المتخصص في الإدارة الرياضية للأندية، وهو الخبير الذي قضى أكثر من 20 عامًا في الإدارة الرياضية لكبريات الأندية العالمية من برشلونة إلى مانشستر سيتي، ولكن في الهلال المهمة مختلفة ومعقدة.
في مدينة ليْدا، البالغ عدد سكان منطقتها البلدية 143.094 نسمة، وثاني أهم عاصمة كاتالونية من حيث عدد السكان، بعد برشلونة، ولد إستيف كالزادا مانجيس عام 1966 من عائلة كاتالونية متعصبة للإقليم الانفصالي.
يعد نشيد نادي برشلونة من أكثر الأشياء التي ترتبط سمعيًا بسكان الإقليم الكاتالوني، حيث ارتبط بشكل كبير بإرث هذا النادي، سواء من الجانب الثقافي، والتاريخي، والرياضي، ويحلم كل أبناء الإقليم بارتداء قميص النادي أو العمل فيه، وكان كالزادا أحد هؤلاء الأطفال الذي حققوا حلمهم في العمل بنادي الطفولة ومعشوق الكتلان.
قضى الفتى الكاتالوني أعوام شبابه في أروقة الجامعات حتى حصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد، إضافة إلى ماجستير إدارة الأعمال، كما نال كالزادا شهادة التسويق الدولي من جامعة كالفورنيا الأمريكية، حتى بات أحد أشهر متخصصي مجال الاقتصاد الرياضي في كرة القدم.
في يناير 2002، تحقق أحد أحلام الفتى حين جلس في مكتبه الجديد، وأطلق صرخة النصر وهو يجول في أرجاء المكتب المطل على قلعة الكامبانو العريقة معقل برشلونة التي لطالما حلم أطفال الإقليم وهو أحدهم بالدخول إليها لاعبين أو إداريين، وكانت الأخيرة من قادته إلى أسوار «البلوجرانا».
تقلد كالزادا منصب المدير العام للتسويق في نادي برشلونة، وخلال خمسة أعوام في المنصب الجديد نجح الشاب الكاتالوني برفقة الإدارة في ي التحول التجاري الذي أوصل النادي إلى نحو 400 مليون يورو من الإيرادات سنويًا.
بعد النجاح الكبير الذي حققه الشاب الإسباني الذي بات لاحقًا مطلبًا مهمًا للأندية الأوروبية لا يقل نجومية عن جواهر النادي الكاتالوني حينها الثلاثي التاريخي المكون من تشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا وليونيل ميسي، الذين صالوا وجالوا في الملاعب والمعشب الأخضر، وكان كالزادا ورفاقه في مكاتبهم يقودون الدفة الإدارية حتى بات النادي الكاتالوني علامة تجارية فارقة في أوروبا والعالم.
في عام 2007 وبعد مغادر النادي الكاتلوني قرر كالزادا الذي إنشاء مشروعه الخاص، وتأسيس شركة رياضية يديرها، وأطلق شركة التسويق الرياضي «PrimeTimeSport» التي لديها موظفون في لندن وبرشلونة ومدريد، ومتخصصة في تقديم المشورة لأندية كرة القدم على المستوى الدولي، وتمثيل اللاعبين وإدارة حقوق الصور للرياضيين والمؤثرين.
كذلك عمل ستيف كالزادا مع النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي في تأسيس شركته عام 2009، التي تملك حقوق صور اللاعب تجاريًا، كما أسس مشاريع استراتيجية مع عدد من أندية كرة القدم، مثل شاختار دونيتسك الأوكراني، وأتلتيكو ناشيونال البرازيلي، وغلطة سراي التركي.
كما عمل كالزادا أيضًا مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في تنظيم عدد من الدورات والدراسات الخاصة بالإدارة الرياضية، وأستاذًا مبتكرًا في أفكار التسويق الرياضي، وهو جزء رئيس من ماجستير إدارة الأعمال في جامعة «إسادي» للأعمال في مدينة برشلونة الإسبانية.
شكلت الخبرة والنجاح الكبير، الذي حققه الإسباني فرصة ذهبية له للانتقال إلى مجال آخر وهو تأليف الكتاب وأطلق في عام 2012 كتابه المتخصص في التسويق الرياضي، الذي يحمل عنوان «أرني المال»، الذي تمت ترجمته إلى 6 لغات مختلفة.
يقول كالزادا في مطلع الكتاب: «إن الرياضة لعبة لا يمكن أن تكون تجارة، وهي تجارة لا يمكن أن تكون لعبة»، إن هذه العبارة، تلخص تمامًا طبيعة العمل الرياضي، والاهتمام الذي تولده الرياضة لدى المشجعين في جميع أنحاء العالم جعلها تجارة ضخمة، ولأنها لعبة وشكل من أشكال الترفيه، فإنها تخلق ضغطًا عاطفيًا إضافيًا على الأشخاص الذين من المفترض أن يتخذوا القرارات في هذا العمل، كما تحظى الرياضة بمتابعة غالبية البالغين في الاقتصادات الكبرى في العالم».
في 2019 تسلم الإسباني منصب المدير التجاري في مجموعة سيتي لكرة القدم، ليعمل بشكل منتظم مع نادي مانشستر سيتي، ويقوده إلى الظهور والتفوق في المجال الذي لطالما برع فيه منذ صباه، ولم تكن تجربة برشلونة سوى البداية التي سيتبعها العديد من النجاحات في العديد من المحطات، وكانت محطة الفريق الإنجليزي من الأنجح في مسيرته بعد أن تصدر النادي تحت إدارته قائمة «ديلويت المالي» خلال عامي 2022 و2023، كأفضل علامة تجارية بين أندية العالم، وهو أيضًا الناشر والمساهم الرئيس لـ«Post united» الذي يصل متابعيه إلى أكثر من 8 ملايين.
في الرياض العاصمة السعودية حضر الإسباني إلى نادي الهلال الأزرق الكبير ذي العلاقة المتوثقة مع أوج الذهب الخالص صنديد كرة القدم في العاصمة الشاسعة ووجيهها وواجهتها، خريج مدرسة الفائزين والمحتفلين والمنتصرين على الدوام لا يشبع رغباته القليل، ولم تكن توقعات الفتى الكاتالوني أن يشاهد نموذجًا رياضيًا فاخرًا يضاهي كبرى الأندية التي عمل بها.
يقول كالزادا عن الهلال: «التوازن إيجابي بشكل لا يصدَّق. إن الحصول على فرصة العمل في أكبر نادٍ في آسيا يمثل تحديًا، لقد تعايشت مع هذا المشروع الناجح للغاية، لدينا 28 قسمًا. إنه نادٍ متعدد الرياضات، أبعد بكثير مما يمكن أن يكون عليه برشلونة أو بايرن ميونيخ. أي رياضة يمكنك تخيلها، لدينا: كرة السلة، الكرة الطائرة، السباحة، الجودو، والمرافق مثيرة للإعجاب، لأنها على مستوى أي فريق أوروبي كبير».
في يونيو المقبل ستكون مهمة الإسباني أكثر صعوبة، وهو الذي ستكون على عاتقه مهمة ظهور الأزرق العاصمي بأبهى حلة في المحفل العالمي، الذي تشارك فيه صفوة الأندية على مستوى العالم، ولن يرضى فيه الهلاليون بالقليل.