|


الأخضر والفرحة الأخيرة.. 20 عاما من العزلة!

خميس العويران وأحمد الدوخي، نجما المنتخب السعودي الأول لكرة القدم سابقًا، لدى تسلمهما كأس الخليج العربي الـ 16، مطلع 2004 في الكويت (أرشيفية)
الرياض ـ الرياضية 2025.01.01 | 09:54 pm

فيما كان الراحل خميس العويران، قائد المنتخب السعودي، يعتلي منصة التتويج مساء الثامن من يناير للعام 2004، ليحمل كأس خليجي 16.. كانت الصرخات الأولى لمواليد كُثر تدوي في المستشفيات السعودية قدومًا للحياة.. مضى على هذا المشهد 20 عامًا.. مضى أولئك الصارخون في رحلة الزمن وقد عاشوا صباهم ومراهقتهم وشبابهم، والتحق من أمد الله بعمره في ركاب الجامعات أو الوظيفة أو التجارة.. تصاريف الدنيا في كل تشكلاتها وتعقيداتها وأرزاقها.. منذ 20 عامًا والسعوديون المولعون بكرة القدم لم يشاهدوا منتخب بلادهم يلامس الذهب الكروي الذي عرفوه عز المعرفة لأول مرة في سنغافورة عام 1984 حينما تسيدوا القارة الآسيوية.. عاد بالأمس الأخضر يجر أذيال الخيبة مودعًا كأس الخليج مجددًا بخسارة مؤلمة أمام الفريق العماني الذي أكمل ثلثي المباراة منقوصًا عقب طرد لاعبه المنذر العلوي.. تعالت الأصوات في المقاهي والاستراحات ومجالس المنازل خاصة والآمال كانت عريضة أن يتكرر ذات المنظر الذي أفرح السعوديين في الكويت ذاتها في الزمن ذاته.. ولكن قبل 20 عامًا.



في حسابات المنتخبات الكبيرة والأندية الكروية الكبيرة يأتي الغياب لعقدين مترادفين عن باحات الإنجاز خللًا يستدعي التدخلات العاجلة وفتح كل الملفات المغلقة.. ربما كان هذا جزءًا من حديث عابر بين صديقين على مقاعد مقهى في أطراف شارع التحلية وسط الرياض نقلت شاشاته مباريات خليجي 26.. نقلت الفرحة السعودية الصاخبة عقب تخطي منعطف العراق بأداء اسطوري وروح قتالية، كان اللاعبون يرمون من ورائها لتوجيه رسالة لكل من حاول السخرية من إمكانياتهم.. في مباراة عمان تبدلت الأحوال وغادر الأخضر بطريقة مزعجة خاصة وأن خصمه أكمل اللقاء ناقص العدد.. بين صورة العويران الذي ودع الدنيا يوم السابع من يناير 2020 وبين الخسارة وحديث المقهى بين الشابين اللذين ولدا في نفس ذلك اليوم عبر 7663 يومًا.. أيام توقفت فيها الأحلام.. تأجلت فيها الأماني وأفراح جنونية تطوف الشوارع على امتداد الخارطة السعودية احتفالًا بالفوز والنصر والإنجاز.. بالطبع بينهما كانت هناك لحظات فارقة لا تنسى بالتأهل إلى المونديال لكن الحديث عندما يتجه صوب الذهب تبدو المسافة بعيدة جدًا.. كالمسافة بين صرخة طفل وفرحة شاب في مقتبل العمر.. كل الأسماء التي صنعت آخر إنجاز تاريخي لامست حواجز الخمسينات من عمرها.. ربما تزيد قليلًا.. ربما تنقص قليلًا.. بعضهم يواصل حضوره الرياضي محللًا أو مدربًا أو مسؤولًا في الأندية، وبعضهم اختفى تمامًا عن كل ما يربطه بالأوساط الرياضية.. ياسر القحطاني ومبروك زايد ورضا تكر ومحمد الشلهوب وطلال المشعل ويسري الباشا وسعيد الودعاني.. وقائمة أخرى طويلة ويقودهم المدرب الهولندي فاندرلي الذي يعيش في الـ 72 من عمره.. كانت الفرقة الأخيرة التي صنعت الفرحة السعودية على ضفاف الخليج.



قبلها بسنوات ثمان.. قبل ما حدث في مباراة عمان الأخيرة بـ 28 عامًا كان السعوديون يمارسون هيمنتهم المطلقة على اللعبة في القارة الآسيوية.. كانوا أبطالًا في إنجاز متجدد عبر انتزاع اللقب القاري في العام 1996 على الأراضي الإماراتية.. كان اللاعبون حينها كتيبة زاخرة بالأسماء المتوثقة مع النجومية والأداء المبهر والسمعة الكروية الاستثنائية.. كان بينهم يوسف الثنيان وسعيد العويران وخالد مسعد وفؤاد أنور ومحمد الدعيع وسامي الجابر وحسين عبد الغني وإبراهيم ماطر.. وغيرهم ممن سارت بهم أقدار الحياة ليلامسوا الستينات من أعمارهم.. كانوا آخر رجال الكرة الأبطال الذين جعلوا المنتخب السعودي يقف واثقًا كجبل شامخ متزينًا بتاج ذهبي لا يرتديه سوى الذين ينالون المركز الأول.



بين العويران.. بين شباب بلغوا العشرينات من أعمارهم دون بطولة تفرحهم.. بين جيل مسعد والثنيان وسامي والعويران.. بين حسرة مدوية بخسارة عمان.. بين أشياء أصابت المشجع السعودي بمرارة الخسارة كان هناك ما يمكن أن يعود للذاكرة بشيء من المخاوف على مستقبل الأخضر.. والخوف في عوالم كرة القدم هو الخطوة الأولى لصناعة الفرح!.