في «ديلّي ألبي» و«الأوّل بارك».. كونسيساو جلاد اليوفي
قبل موقعة كأس السوبر الإيطالي في 29 أغسطس 1998، عكف السويدي زفين جوران إريكسون، مدرب لاتسيو، على بناء تشكيله الأساسي، الذي سيدفع به أمام يوفنتوس. بعض التفاصيل كانت لا تزال محل دراسة بعكس مثلًا قرار إشراك الجناح البرتغالي سيرجيو كونسيساو، الوافد الجديد، الذي بدا شاخصًا تمامًا أمام عينيه الزرقاوين، المختبئتين خلف نظارته الطبية المحمولة على عظمة أنفه الرفيع.
سيشغل كونسيساو الطرف الأيمن للضغط على جانلوكا بيسوتّو، ظهيرهم الأيسر. قال إريكسون ذلك لمساعديه مشبعًا باليقين، بعدما لمس انصهارًا وتفاهمًا سريعين من الجناح مع زملائه الذي انضم إليهم قبل ما يقل عن شهرين فقط، قادمًا من بورتو البرتغالي.
دفع لاتسيو، بطل كأس إيطاليا، نحو 9 ملايين يورو خلال تلك الصيفية للتعاقد مع كونسيساو، البالغ من العمر 23 عامًا فقط. ودون مقدّمات ألقاه في ظهوره الأول تحت المجهر أمام يوفنتوس، حامل لقب الدوري.
على الطرف الأيسر، الموازي للاعب البرتغالي، تمركز الجناح التشيكي بافيل نيدفيد، نجم الفريق، الذي افتتح أهداف المباراة في الدقيقة 38 مستثمرًا تمريرة مذهلة بالكاحل من المهاجم روبرتو مانشيني ابن الـ 34 عامًا.
أسكت الهدف أنفاس جماهير فريق «السيدة العجوز» المحشودة في مدرجات بيته «ديلّي ألبي»، بينما راح مدربه الإيطالي مارتشيلّو ليبي يوقظ همم لاعبيه المحبطين من الهدف المباغت.
في الدقيقة 80، كاد المهاجم الدولي أليسّاندرو ديل بييرو يوازن الكفتين بعدما اجتاز لوكا ماركجياني، حارس مرمى لاتسيو، وسدد باتجاه الشباك المكشوفة، التي أوشكت على الاهتزاز لولا إنقاذ انتحاري من المدافع الصربي سينيشا ميهايلوفيتش شتت به الكرة ثمّ اصطدم بالقائم، وغادر الملعب منقولًا على محفّة الإسعاف.
بعد 6 دقائق فقط ارتكب داريو ماركولين، بديل ميهايلوفيتش، خطأ جسيمًا بعرقلة ديل بييرو داخل منطقة الـ 18 للاتسيو، متسببًا في احتساب ركلة جزاء، ترجمها اللاعب ذاته الذي حصل عليها، إلى هدف التعادل.
وبينما كان المدرّبان يجهّزان تعليمات الشوطين الإضافيين مع وصول الوقت بدل الضائع إلى دقيقته الرابعة، مهّد مانشيني بتجلٍ آخر، الكرة إلى كونسيساو المنطلق من الخلف داخل منطقة جزاء يوفنتوس، فسددها بقوة في الشباك، واندفع بجنون نحو مدرجات اللاتسياليين يلثم طرف ذيل قميصه السماوي بقبلات متوالية راسمًا أشهر اللوحات التذكارية الموثقة لإنجاز تتويج الفريق بلقب السوبر.
وفي ملعب «الأول بارك»، معقل النصر السعودي، الجمعة الماضي، انطرح كونسيساو أسفل عدسة المجهر ذاته، بعدما كرّت عجلة الزمن نحو 27 عامًا منذ تلك المباراة التي احتضنها «ديلّي ألبي».
من بورتو أيضًا جاء، إلى ميلان، الأحد الماضي، ليتولّى الدفّة الفنية للفريق خلفًا لمواطنه المُقال باولو فونسيكا. وكما حدث في صيفية 98 توجَّب عليه الانطلاق بمواجهة مع اليوفي على صعيد السوبر الإيطالي.
وبالنتيجة ذاتها، ومع اختلاف ترتيب الأهداف، استطاع البرتغالي قيادة فريقه الجديد لعبور عقبة عملاق تورينو والوصول إلى نهائي السوبر، مستدعيًا السيناريو عينه الذي تمنّى عشّاق «الأبيض والأسود» قبل المباراة ألا يتكرّر.